aborami10 لـــون جديد
السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 04/09/2010 المزاج : عال العال
| موضوع: » سلسلة كتب الأمة » 2 - الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف » تقديم بقلم : عمر عبيد حسنة السبت سبتمبر 04, 2010 11:29 pm | |
| إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله وبعد:
فلقد أصبح ما أسمي "بالتطرف الديني " قضية باتت تشغل بال الغيورين على هذه الأمة، وما يدبر لها من مكائد الأعداء ومكرهم لإبادة الجيل المسلم، ومصطلحاً شائع الاستخدام على ألسنة الناس وفي وسائل الإعلام، جند لتأكيده الكثير من الكتاب والصحفيين والدبلوماسيين والسياسيين، ولا يخرج في حقيقته عن أن يكون من صنع أعداء الإسلام الذين يعمدون إلى بعض المظاهر الشاذة فيضعونها تحت المجاهر، يوجهون إليها الأنظار، ويغرون بها الحكام والمتنفذين، وكثيراً ما استخدم هذا المصطلح،ولا يزال يستخدم بهدف إيجاد حالة من الرعب والإرهاب الفكري لشل حركة الدعوة إلى الله، والتشكيك بوسائلها، وإحاطتها بجو من الإرهاب لتحنيطها وتعطيل مسارها، والدعوة الإسلامية تخضع لمعايير منضبطة ووسائل مشروعة من الله عز وجل لا يد للإنسان فيها..
والأمر الملفت للنظر أن هذا الاصطلاح استعمل أول ما استعمل في "إسرائيل " عندما بدأ الشباب المسلم في الأرض المحتلة يعي ذاته، ويتعرف إلى طريقه بعد أن أخفقت التجمعات كلها، وسقطت الشعارات جميعها وعجزت عن أن تقدم شيئاً للقضية.
هذه الشعارات التي لم تخرج في حقيقتها عن أن تكون وسيلة من وسائل يهود لامتصاص النقمة، وتنفيس الطاقات للحيلولة دون انفجارها، والتسلل من خلالها إلى العالم الإسلامي، من هنا بدأت توجهات الشباب من جديد لتلمس الشخصية الحضارية للأمة والعودة إلى الإسلام.. درع وقايته، وعدة كفاحه، والاحتماء بالمسجد حصن ثقافته...
ولم تخف إسرائيل خوفها وتخويفها من عودة المتطرفين المسلمين وخطورة ذلك على كيانها، والعمل بكل وسيلة للقضاء على الصوت الإسلامي في كل مكان.
ولا شك أن الإسلام دين التوسط والاعتدال، وأن الغلو والتطرف والانحراف أمر مرفوض شرعاً مهما كانت الأسباب والمسوغات، وليس من الإسلام في شيء. والغلو في الدين ظاهرة أصيب بها أتباع الأديان السابقة، وكانت سبب هلاكهم ودمارهم، وهي من علل التدين التي قصها الله علينا ليحذرنا منها فلا نقع بما وقع به غيرنا من الغلو والتطرف والتحريف والتأويل الفاسد والتدين المغشوش، ونحن لا ننكر أن الغلو والتطرف يمكن أن يتسرب إلى بعض جوانب الحياة الإسلامية، ومن السهل على الناظر في التاريخ الإسلامي أن يرى ألواناً من التطرف والغلو، وأن يتعرف أن فترات الرفض والتطرف والخروج هي رؤوس الفتن ذات النقاط السود في تاريخنا، التي أنهكت الأمة، وشلت قواها، وشغلتها عن عدوها ومتابعة أداء رسالتها الإنسانية، لكن المشروعية العليا في حياة المسلمين كانت دائماً للكتاب والسنة، وهما المعيار الدقيق والمقياس المنضبط الذي يجب أن يحكم الأمور.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد ".
والمشكلة الخطيرة في معظم الكتابات السابقة عن ما أسمى بظاهرة التطرف، أنها اكتفت بمعالجة آثار الظاهرة وأهملت البحث في أسبابها إلا بعض لمسات خفيفة قد لا تسمن ولا تغني من جوع.
والأخطر من ذلك أيضاً أن معظم هذه الكتابات شاركت فيها أقلام يعوزها الكثير من العلم، ويفتقر أصحابها إلى الحد الأدنى من السلوك الاسلامي، لذلك كان لا بد من تنقية الواقع الثقافي لبعض جوانب العمل الإسلامي، وتصويب التصور وتصحيحه الذي يمكن أن يكون قد شابه شيء بسبب من ردود الفعل، والأخذ بيد الجيل المسلم وترشيده لالتزام المقياس الإسلامي في الحكم على الأشياء وكيفية التعامل معها.
لقد أصبح هذا الأمر ضرورة شرعية ومسؤولية دينية على العلماء العاملين العدول الذين أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم بقوله: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين ".
يقول الله تعالى: ((والمُؤمنون والمُؤمِنات بعضُهم أولياءُ بعضٍ يأمُرون بالمعروفِ وينْهوْن عنِ المُنكرِ ويُقيمون الصلاة ويؤْتون الزكاة ويُطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إنّ الله عزيزٌ حكيم )) [التوبة:71 ]، فقضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما هو معلوم حق من حقوق الموالاة في الإسلام.
"والأمّة " إذ تتقدم بكتابها الثاني -الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف - للأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي، الذي يجمع إلى حسن الفقه والدراية التجربة الميدانية في حقل الدعوة الإسلامية، والذي أثرى المكتبة الإسلامية بمجموعة من الكتب العلمية الأصيلة في بابها ونخص منها بالذكر كتابه القيم "فقه الزكاة " إلى جانب الكتب الكثيرة الأخرى التي لقيت قبولاً عاماً في العالم الإسلامي، وترجم الكثير منها إلى عدد من لغاته الحية، والتي يتميز مؤلفها بدقة العالم وإشراقة الأديب وحرارة الداعية.
لترجو الله أن يحقق به النفع ويجزل مثوبته للأخ الدكتور القرضاوي، ويلهمنا السداد في الرأي والإخلاص في العمل، والله من وراء القصد.
| |
|