aborami10 لـــون جديد
السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 04/09/2010 المزاج : عال العال
| موضوع: » سلسلة كتب الأمة » 1 - مشكلات في طريق الحياة الإسلامية » الحقوق المشتركة السبت سبتمبر 04, 2010 11:25 pm | |
| الحقوق المشتركة
د.محمد رأفت عثمان
الحقوق المشتركة على طريق الإجمال
الحقوق ا لزوجية المشتركة سنذكرها أولاً على طريق الإجمال ، ثم نتكلم على كل حق منها تفصيلاً ، مع ملاحظة أنه نظراً إلى أن الكـلام طويل جـداً عن حـق الاستمتاع ، فسنرجىء تفصيل الكلام عنه - بعد أن نذكره إجمالاً - إلى ما بعد الكلام على الحقوق الأخرى ، وإليك أولاً بيان هذه الحقوق على وجه الإجمال :
الحق الأول : حق الاستمتاع .
الحق الثاني : حسن العشرة .
الحق الثالث : ثبوت نسب الأولاد .
الحق الرابع : التوارث .
الحق الأول : حق الاستمتاع :
لكل من الزوجين الحق في أن يستمتع بالآخـر ، بالنظر ، وباللمس ، والاتصـال الجنسي ويجوز للزوج بلا كراهة أن ينظر إلى فرج زوجته ، وأما الرأي الذي يرى كراهة ذلك فليس له ما يؤيده ، وما رواه ابن عدي في الكامل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :[ إذا جامع أحدكم زوجته أو جاريته فلا ينظر إلى فرجها فإن ذلك يورث العمى ] فلا يحتج به ، لأن في إسناده بقيَّة ، وبقيَّة هذا ضعفّه العلماء، قال ابن حبـَّان : بقيَّة يروى عن الكذابين ، وقد حـكم ابن الجوزي بوضع هذا الحديث ، وللزوج الحق في أن يطلب من زوجته الاتصال الجنسي متى شاء بحسب رغبته وهواه ، إلا إذا وجد مانع شرعي من ذلك ، كوجود الحيض ، أو النفاس ، أو الإحرام بالحج أو العمرة ، أو مرض الزوجة ، أو غير ذلك من الموانع الشرعية .
وقد أجمع العلماء على أن الزوجة لو اشترطت على زوجـها في عقد الزواج أن لا يتصل جنسياً بها لم يجب على الزوج أن يفي بهذا الشرط .
هل للزوج إجبار زوجته على الاغتسال من الحيض ليطأها ؟
بيّن الفقهاء أن للزوج الحق في إجبار زوجته المسلمة على أن تغتسل من الحيض أو النفاس بعد انقطاع الدم عنها ، حتى يستطيع الاتصال الجنسي بها . وعلّلوا رأيهم بأن الاستمتاع حق للرجل ، وعدم اغتسال الزوجة يعد مانعـاً له من الاستمتاع الذي هو حقه لأن الله تبارك وتعالى علق إباحة الإتصـال الجنسي بإنقطـاع الدم واغتسال المرأة ، فقال سبحانه : ( فاعتزلوا النسـاء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ، فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ) ، فكان الزوج يملك إجبارها على إزالة ما يمنعه من تناوله لحقه .
واختلف العلماء فيما إذا كان الزوج المسلم متزوجاً بيهودية أو نصرانية ، هل له الحق في إجبارها على أن تغتسل بعد انقطاع دم الحيض حتى يطأها أم ليس من حقه أن يجبرها ؟
فيرى البعض من الفقهاء أن الزوج له الحق في إجبارها على الاغتسال، حتى يحل له وطؤها ، وذلك لأن الله تعـالى قال : ( ولا تقربوهن حتى يطهرن، فإذا تطـهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ) ، أي فإذا اغتسلن بالماء ، ولم تخصص الآية المسلمة دون غيرها بالاغتسـال ، فيكون جواز الوطء من الزوج متوقفـاً على اغتسال الزوجة سواء أكانت مسلمة أم غير مسلمة.
وهنا قد يرد سؤال هو : كيف يمكن أن يتصور الإجبار على الاغتسال مع أنه لا يصح إلا بنية من المغتسل ، والنية إذا كانت تصح من المسلمة فلا تصح من غير المسلمة؛ لأنه يشترط الإيمان لصحة النية، فكيف يصح إجبار اليهودية والنصرانية على الاغتسال ؟
والجواب أن الغسل من الحيض فيه حكمان : حكم وضعي ، وحكم تكليـفي ، ففيه حكم وضعي من ناحية أنه شرط في إباحة الوطء ، أي أن الشارع سبحانه وضع الاغتسال من الحيض شرطاً في إباحة الوطء، وفيه حكم تكليفي من ناحية كون الاغتسال عبادة ، وعدم النية يؤثر في عدم صحة الحكم الوضعي .
هذا ، وقد بيّن المالكية أن للزوج إجبار زوجته الممتنعة عن الاغتسـال ، حتى لو ألقاها في الماء قهراً عنها ، ويسوغ له أن يطأها بذلك.
ويرى الحنفية : أنه ليس من حق الزوج أن يجبر زوجته غير المسلمة ، لأن الشريعة تحرم الإضرار بالغير وتأليمه ، وتوجب أن يحترم الإنسان بدن غيره إلا بحقه ووطء الصغيرة ليس من حقوقه المأذون بها له.
الحق الثاني : حسن العشرة
حسن العشرة أحد الحقوق المشتركة لكلا الزوجين ، فيجب على الزوج أن يحسن معاملته لزوجته ، وكذلك يجب على الزوجة أن تحسن معاملتها لزوجها، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى الرجال بالنساء خيراً ، ودعاهم إلى الاحتمال لهن ، والصبر على ما قد يضايق الأزواج من أخلاقهن ، فقال عليه الصلاة والسلام [ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جره ، واستوصوا بالنساء خيراً ، فإنهن خلقن من ضع وإن أعوج شيء من الضلع أعلاه ، إذا ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيراً ] .
وأرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأزواج إلى حسن العشرة ، ونهى الزوج عن أن يبغض زوجته بمجرد أن يكره خلقاً من أخلاقها، فإنها لا تخلو مع هذا عن صفة من الصفات التي يرضى عنها زوجها ، فقال عليه الصلاة والسلام :[لا يفرك مؤمن مؤمنة ، إن كره منهاخلقاً رضي منها آخر ] رواه أحمد ومسلم .
ولا يجوز للزوج أن يسمعها القبيح من الكلام، ولا أن يضرب الوجه : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأزواج - إذا اضطروا إلى تأديب زوجاتهم - أن يضربوا وجوههن ، أو أن يسمعوهن ما يكـرهن من لكـلام القبيح ، فقد روى أنه عليه الصلاة والسلام سئل : ما حق زوج أحدنا عليه ، فأجاب صلى الله عليه وسلم : [ تطعمها إذا أكلت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ، ولا تقبـح ، ولا تهجر إلا في البيت ] .
الحق الثالث: ثبوت نسب الأولاد
من الحقوق التي يشترك فيها الزوجـان أن يثبت نسب الأولاد إلى كل من الزوج والزوجة ، فالأولاد كما أنهم أولاد الأب فإنهم أيضاً أولاد الأم ، ويثبت لكل من الأب والأم ما يترتب على ثبوت الأبوة أو الأمومة من حقوق ، كالنفقة إذا كان الأب أو الأم مستحقاً لها من مال أولادهما ، والحضانة عند الصغر ، والولاية عند الصغر كذلك ، أو عندما يوجد ما يستدعيها ، والميراث .
الحق الرابع: التوارث
من حق كل من الزوجين أن يرث الآخـر إذا مات قبله ، فالزوجية أحد الأسباب التي تعطي حـق الإرث ، وما دامت الزوجية قائمة إلى حين وفـاة أحد الزوجين فللآخر الحق في ميراثه ، سواء أكانت الزوجية قائمة حقيقة أو قائمة حكماً ، كما في الحالة التي تكون المرأة فيها معتدة من طـلاق رجعي ، مـا لم يكن ثمَّ مانع من الميراث ، كاختلاف الزوجة في دينها عن دين زوجها ، كأن يكون المسلم متزوجاً يهودية أو نصرانية ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيّن أن اختلاف الدين مانع من الميراث ، فقال فيما رواه البخاري :[ لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم ] .
وقد بيّنت شريعة الإسلام أن للزوج نصف ما تركته زوجته من ميراث، إذا لم يكن لها فرع يرثها ، سواءً أكان هذا الفرع الوارث ولدها - ذكراً أو أنثى - أو ولـد ابنها وإن سفل ، فقال تبارك وتعالى : ( ولـكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهنّ ولد ) ، وقد أجمع علماء الأمة الإسلامية على أن ولد الإبن مثل الإبن .
وأما إذا كان للزوجة فرع وارث _ سواء أكان من زوجها أم من غيره _فلزوجها الحق حينئذ في أن يرث ربع تركتها لا نصفها ، لقول الحق تبارك وتعـالى : ( فإن كان لهنّ ولد فلكم الربع مما تركن ) .
وللزوجة الحق في أن ترث ربع ما تركه زوجها إذا لم يكن له ولد أو ولد ابن وارث وإن سفل ، ذكراً كان أم أنثى ، منها أو من غيرها .
فإن كان لزوجها ولد أو ولد ابن وارث منها أو من غيرها فلها ثمن التركة حينئذ ، قال الله تبارك وتعالى : ( ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد ، فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم ) .
وإذا كان هناك أكثر من زوجة ، بأن كان للزوج زوجتان أو أكثر ، فيشتركان أو يشتركن في الربع أو الثمن .
الزوجان والتعاون على البر والتقوى
ياسر عبد التواب
إذا كان المسلم يتعاون مع غيره على البر والتقوى حيث أمر الله تعـالى بذلك في قوله : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) المائدة:2 .
فإن أولى من يجب أن يتعاون معه هي زوجتهـ التي رزقه الله بها ، وكذلك الأمر بالنسبة لها ، فإن أولى لها أن تتعاون معه في حياتها على البر والتقوى هو زوجها .
فكلا الزوجين أولى بالآخر ، فهو يعلم مدخل ومخرجه لربما أحياناً أكثر من نفسه وقد قال تعالى مبيناً عمق العلاقة : ( وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً ) النساء: 21 ، وقال : ( هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ ) [البقرة] .
وكلاهما راعٍ ومسئول عن رعيته ، فهو في بيته راعٍ ومسئول عن رعيته ، وهي بالطبع من تلك الرعية ، وهي كذلك في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها.
وتلك بعض أمثلة على تعاون الزوجين على البر والتقوى :
* دعاء كلا الزوجين للآخر ، وقد وصف الله المؤمنـين بذلك فقال : ( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا ) .
* كان الصحابة إذا تعلموا شيئاً من النبي صلى الله عليه وسلم أو حفظوا آية لا يتجاوزوها حتى يعلموها أهليهم فتعلموا العلم والعمل جميعاً .
* حكي عن بعض السلف أنه كان يقسم الليل بينه وبين أهله في القيام وقراءة القرآن.
* المرأة التي قبلت زوجاً في عهد رسول الله على أن يعلمها ما معه من القرآن .
* كانت المرأة المسلمة تقول لزوجها: اتق الله فينا ولا تطعمنا من حرام فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار .
* روى الشيخان أنه نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم ضيف فلم يجد عند أهله شيئاً يضيفه به ، فذهب رجل من الأنصار بالضيف إلى أهله ، ثم وضع بين يديه الطعام ، وكان قليلاً ، وأمر امرأته بإطفاء السراج وجعل يمد يده إلى الطعام كأنه يأكل ولا يأكل ، حتى أكل الضيف إيثاراً منهم للضيف على أنفسهم ، فلما أصبح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :[ لقد عجب الله من صنيعكم الليلة لضيفكم ، ونزلت الآية ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) .
* وعن أنس رضي الله عنه ، أن فتىً من أسلم قال : يا رسول الله إني أريد الغزو وليس معي ما أتجهز به ؟ قال ائتِ فلاناً فإنه قد كان تجهز فمرض، فأتاه فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ،ويقول : أعطنى الذي تجهزت به فقال : يا فلانة أعطيه الذي تجهزت به ولا تحبسي منه شيئاً ، فوالله لا تحبسي منه شيئاً فيبارك لك فيه " رواه مسلم.
* كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في رمضان وتعتكف معه أزواجه ، وكان قبل ذلك يتزود للتحنث في غار حراء الليالي ذوات العدد ، وكانت تميرة زوجه أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها .
* ما كان من أم المؤمنين خديجة من تهدئة لروع رسول الله في بدء نزول الـوحي واصطحابها إياه لعرض الأمر على ورقة بن نوفل .
كيف نظم الإسلام الغيرة ؟
عبد السلام البسيوني
راعى الإسلام في تشريعه غريزة الغيرة التي فطر الله تعالى عليها النساء والرجال ، فشرع لها من الأحكام ما يضبطها ، ويهذبها ، ويضعها في سياقها الصحيح ، ومن هذه الأحكام والضوابط :
أ- شرعية الحجاب :
ليس الحجاب مجرد غطاء تضعه المرأة على وجهها ، أو فوق رأسها ، بل إن له جملة وظائف شديدة الأهمية ، منها : أنه يميز - في الجملة - الصـالحات ، ويعين على الإلتزام ، ويزكي الغيرة ، ويدفع الإثم ، ويرد ألسنة الذين في قلوبهم مرض ، كما أنه يعد عاصماً للمجتمع، وللمرأة نفسها حتى لا تكون مطمعاً لشهوات الرجال ، ومرتعاً لنظراتهم . وكان هذا من بركات سيدنا عمر رضي الله عنه - الذي حركته غيرته على البيت النبوي الشريف، وحرصه على ألا يمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأزواجه الطاهرات بسوء - أن ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أن نساءه يدخل عليهن البر والفاجر، فكشفُ المرأة وجهها ، ونظر الناس لها ، مما يثير الزوج الكريم والمسلم الحريص.
ب- عدم طروق الأهل ليلاً دفعاً للتخوف:
فعن جابر رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة .. فلما قدمنا لندخل قال: [أمهلوا ؛ حتى ندخل ليلاً - أي عشاءً - لكي تمتشط الشعثة ، وتستحد المغيبة ] [المشكاة :2/159 وهو متفق عليه] .
ج- النهي عن وصف المرأة لغير زوجها:
فعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً : ( لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها ) . [المشكاة:2/162 ، وهو في البخاري :9/338] .
قال ابن الجوزي رحمه الله (أحكام النساء: 283) تعقيباً على هذا الحديث : واعلم أنه إنما نهي عن هذا لأن الرجل إذا سمع وصف المرأة تحركت همته ، وانشغل قلبه ، والنفس مولعة بطلب الموصوف بالحسن ، فربمـا كانت الصفة داعية إلى تطلب الموصوف ، وربما وقع من اللهـج بالطلب لذلك ما يقارن العشق ، وأعتقد أنه يصعب على المرأة السوية - لفرط غيرتها - أن تطري امرأة أخرى غيرها وتصف جمالها أمام زوجها ، أما لو انحرفت الفطرة ، أو قل الوعي بالسنة الشريفة ، فكل شيء وارد .
د- عدم المبيت عند الثيبات إلا بضابط:
فعن جابر رضي الله عنه مرفوعاً : [ ألا لا يبيتن رجل عند امرأة ثيب إلا أن يكون ناكحاً أو ذا محرم ] . [المشكاة:2/162] .
هـ- عدم الدخول -دخول الأحماء- على النساء:
ويتساهل كثير من الناس في دخول إخوة الزوج وأقـاربه على المرأة ، بحجة أنهم (زي اخواتها)، ويظنون أن هذا من باب حسن العشرة ، وحسن الظن بالأقارب ، مع أن هذا من أوسع أبواب الشـر ، يعرف ذلك من يعيـش في المجتمعات بعين مفتوحة ، وأذن واعية ، لهذا كان نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك شديداً حاسماً ، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعاً: [إياكم والدخول على النساء] . فقال : يا رسول الله: أرأيت الحموَ ؟ قال : [الحموَ الموت] .[البخاري5232-2172] .
و- النهي عن الخلوة بالأجنبيات:
فعن عمر رضي الله عنه مرفوعاً : [لا يخلون رجل بإمرأة إلا كان ثالثهما الشيطان] [صححه الألباني في المشكاة 2/166].
ز- الأمر بغض البصر:
وهو أمر نصت عليه بوضوح آيتان في سورة النور (30،31) وكذا في حديث أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعاً : [ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة - أول مـرة - ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها ] [ضعفه الألباني في تخريج المشكاة 2/167].
ح- اعتبار إذن الولي في التزويج:
كما ورد في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : [ لا تنكح الأيم حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن ] قالوا: يا رسول الله ، وكيف إذنها؟ قال: [أن تسكت] . [المشكاة2/168].
ط- النهي عن الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها صلة للرحم:
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : [ لا يجمع بين المرأة وعمتهـا ، ولا بين المرأة وخالتها ] . [المشكاة2/176] .
ي- إعفاف المرأة حتى لا تطمح ببصرها:
يقول تعالى : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) [البقرة:223] ، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :[ وفي بضع أحدكم صدقة ] . قالوا : يا رسول الله: يأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال : [ أرأيتم لو وضعها في حرام : أكان عليه وزر ؟ كذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجره] [مسلم:1006] .
ك- كتمان سر المرأة:
ففي مسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعاً: [إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته ، وتفضي إليه ، ثم ينشر سرها] [المشكاة:2/183] ، فلا عنترية في هذا ولا رجولة ، إنما هو سقوط همة ، وقلة مروءة ، وهتك لحـرمة البيت .. ذلك شيطان لقي شيطانة فغشيها والناس ينظرون!!
ل- العدل في القَسْم:
لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:[ إذا كانت عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط ] . [المشكاة 2/196 بسند صححه الألباني].
م- الإحسان إلى المرأة:
لحديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً : [ خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ] . [في المشكاة 2/202 بسند صحيح].
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : [ أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ، وخياركم خياركم لنسائهم ] . [المشكاة 2/204] .
ن- العذر في الغيرة:
في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : [ إن الله تعالى يغار، وإن المؤمن يغار ، وغيرة الله ألا يأتي المؤمن ما حرّم الله ] . [المشكاة 2/220].
س- عدم الاختلاط في المجتمعات الفاسدة:
فعن علي رضي الله تعالى عنه : [ بلغني أن نساءكم يزاحمن العلوج في الأسواق! ألا تستحيون ؟ ألا تغارون ؟ يترك أحدكم امرأته تخرج بين الرجال ] . [الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/46 والمغني 7/27].
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، عن رجل له زوجة أسكنها بين ناس مناجيس ، وهو يخرج بها إلى الفُرج - أماكن الفرجة أو التنزه - وإلى أماكن الفساد ، ويعاشر المفسدين ، فإن قيل له : انتقل من هذا المسكن السوء ، قال: أنا زوجها ، ولي الحكم في امرأتي ، ولي السكن ، فهل له ذلك ؟
فأجاب : الحمد لله رب العالمين : ليس له أن يسكنهاحيث شاء ، ولا يخرجـها إلى حيث شاء ، بل يسكنها في سكن يصلح لمثلها ، ولا يخرج بهـا عند أهل الفجور ، بل ليس له أن يعاشر الفجار على فجورهم .
ومتى فعل ذلك وجب أن يعـاقب عقوبتين : عقوبة على فجوره بحسب ما فعل ، وعقوبة على ترك صيانة زوجته ، وإخراجها إلى أماكن الفجور، فيعاقب على ذلك عقوبة تردعه وأمثاله عن مثل ذلك . [مجموع الفتاوى:32/264-265] .
ومن ذلك الآن مطالعة الأفـلام الماجنة ، والأغـاني الخليعة ، والمجلات الساقطة ، والاختلاط بالفسـاق ومن لا يتقون الله تعـالى ، والتوسع في استخدام الفيـديو والكيبل والدش ،التي تبث برامج ترفيهية أوروبية تكتظ بالإباحية والعري والفساد المنظم ، الذي يسلب المسلمين حياءهم ، ويبـاعد بينهم وبين دينهم وأخلاقهم ، ورضا الحليم ربهم سبحانه وتعـالى .. وأسوأ منه الدعوة إلى نشر ذلك في بـلاد المسلمين ، والتوسع فيه ، والتنافس في التصريح بالفضائيات التي تهـدم إحداها في يومٍ ما يبنيه المسجد في سنةٍ .. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ع - ألا يعرضها للعنت بطول الغياب عنها:
للمرأة حاجتها البدنية التي شرع الله تعالى إرواءها ، وليس من حق أحد أن يحرمها حقهـا - حتى الزوج نفسه - فلو حلف ألا يقربهـا ( ظَاهَرَ منها ) ألزمه القاضي بالتطليق أو التكفير عن يمينه ، ولو علقها كان لها اللجوء للقاضي لينظر في الضرر، فإن تبين له طلق عليه ، ولو غاب عنها غيبـة طويلة تتضرر بها ، فإن لها أيضاً أن تطلب التفريق بينهما ، ولو كان لها مال تنفق منه ، بشروط منها :
أن يكون غياب الزوج عن زوجته لعذر غير مقبول ، وأن تتضرر بغيابه ، وأن تمر سنة تتضرر فيها ، وأن تكون الغيبة في بلد غير الذي تقيم فيه .
وكذلك لها الحق في أن تطلب التفريق ، للضرر الواقع لبعد زوجها عنها لا لغيابه ، ولا بد من مرور سنة يتحقق فيها الضـرر بالزوجة ، وتشعر بالوحشة ، وتخشى على نفسها الوقوع فيما حرّم الله تعالى .
وكذلك إذا حبس الزوج ثلاث سنين أو أكثر ، وكان الحكم نهائياً ، ونفـذ على الزوج ، ومضت سنة فأكثر من تاريخ تنفيذه ، فللزوجة أن تطلب من القـاضي الطلاق ، لوقوع الضرر بها بسبب بعده عنها .
ومثله في الحكم :حال امرأة الأسير ، والمفقود ونحوهما ، ممن تعذر انتفاع امرأته به.
مكانة المرأة في الأسرة
والحقوق المتماثلة للزوجين والوصايا النبوية الموجهة إليهما
د.عبد الحليم أبو شقة
تتضح مكانة المرأة في الأسرة من خلال عرضنـا للحقوق المتماثلة والمتبادلة بين الزوجين .. إنها مكانة رفيعة يصونه،ا ويحكمها ذلك الميثاق الذي ذكره الله جل وعلا في محكم كتابه حيث قال : ( وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً ) .
تمهيد :
سوف يلحظ القارىء الكريم أن الحقوق المتماثلة للزوجين ، ورد فيها مجموعة من النصوص الكلية ومعها أحياناً نصوص تفصيلية، ونحب أن نبيّن أن العبرة بالنصوص الكلية التي تصون حقوق الرجل والمرأة على السواء ، إذ أن النصـوص التفصيلية متضمنة في النصوص الكلية . والنصوص الكلية هي الحاكمة ، فلا ينـبغي الغفلة عنها والوقوف عند النصوص التفصيلية ، وكأنها وحدها هي الشريعة ، ونحن إذا تحرينا النصوص الكلية تحرياً دقيقاً وتعمقنا في مضمونها، أرشدتنا إلى حقوق كثيرة لم ترد بها نصوص تفصيلية .
أما النصوص التفصيلية إن كثرت في مجـال من المجالات ، فلا بد أن يكـون ذلك لسبب يتصل بذلك المجال ، ففي مجال طاعة المرأة زوجها، نرجح أن كثرة النصوص ترجع إلى ظاهرة كانت سائدة في مجتمع المدينة ، وهي شدة وطأة نساء الأنصار التي يقول فيها عمر بن الخطاب : "قوم تغلبهم نساؤهم" ، وما دام الأمر كذلك ، فلا عجب أن يلح الرسول صلى الله عليه وسلم - بكل سبيل - في حض النساء على الطاعة.
حقوق متماثلة:
قال تعالى : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجةٌ والله عزيز حكيم ) سورة البقرة: 228. إن الآية الكريمة تقرر أن للنساء حقوقاً مثل ما عليهن من واجبات ، وهذا يعني أن كل حق للمرأة يقابله حق للرجل ، فالحقـوق إذن متماثلة ، وسيتضح بإذن الله وعونه مدى التمـاثل عند بحث كل حق من تلك الحقوق .
وقد أورد الطبري في تفسيره عدة روايات في تأويل هذه الآية:
قال بعضهم : ( ولهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن ، مثل الذي عليهن لهم من الطاعة ، فيما أوجب الله تعالى ذكره له عليها ).
فعن الضحّاك : ( إذا أطعن الله وأطعن ازواجهن ، فعليه أن يحسن صحبتها ويكف عنها أذاه ، وينفق عليها من سعته ).
وعن ابن زيد : ( يتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله فيهم ).
وقال آخرون : ( ولهن على أزواجهن من التصنع والمواتاة مثل الذي عليهن لهم من ذلك ).
فعن ابن عباس : إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي ، لأن الله تعـالى ذكره يقول : (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف).
والذي اختاره الطبري من تلك الروايات: (أن الذي على كل واحد منهما لصاحبه من ترك مضارته مثل الذي له على صاحبه من ذلك). ، ثم قال : ( وقد يحتمل أن يكون كل ما على كل واحد منهما لصاحبه داخلاً في ذلك .. فلكل واحد منهما على الآخر من أداء حقه إليه مثل الذي عليه له ، فيدخل حينئذ في الآية ، ما قاله الضحّاك وابن عباس وغير ذلك).
وقال الإمام محمد عبده في تفسـير هذه الآية : (هذه كلمة جليـلة جداً ، جمعت - على إيجازها - ما لا يؤدي بالتفصيل إلا في سفر كبير ، فهي قاعدة كلية ناطقة بأن المرأة مساوية للرجل في جميع الحقوق ، إلا أمراً واحداً عبّر عنه بقوله تعـالى : (وللرجال عليهن درجة) - وسيأتي بيانه - وقد أحال في معرفة ما لهن وما عليهن من المعروف بين الناس في معاشراتهم ومعاملاتهم في أهليهم، وما يجري عليه عرف الناس هو تابع لشرائعهم وعقائدهم وآدابهم وعاداتهم ، فهذه الجملة تعطي الرجل ميزاناً يزن به معاملته لزوجه في جميع الشئون والأحوال ، فإذا هـمّ بمطالبتها بأمر من الأمور ، يتذكر أنه يجب عليه مثله بإزائه ، ولهذا قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : " إنني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي ، لهذه الآية ".
وليس المراد بالمثل ، المثل بأعيان الأشياء وأشخاصها ، وإنما المراد أن الحقوق بينهما متبادلة ، وأنهما أكفاء ، فما من عمل تعمله المرأة للرجل إلا وللرجل عمل يقابله لها ، إن لم يكن مثله في شخصه ، فهو مثل له في جنسه . فهما متماثلان في الحقوق والأعمال ، كما أنهما متماثلان في الذات والإحسـاس والشعور والعقل ، أي أن كلاً منهما بشر تام له عقل يتفكر في مصـالحه ، وقلب يحب ما يلائمه ويسر به ، ويكره ما لا يلائمه وينفر منه . فليس من العدل أن يتحكم أحد الصنفين بالآخر ، ويتخذه عبداً يستذله ويستخدمه في مصـالحه ، ولا سيمـا بعد عقد الزوجيـة والدخول في الحيـاة المشتركة ، التي لا تكون سعيدة إلا باحترام كل من الزوجين للآخر والقيام بحقوقه ).
وأورد الطبري عدة روايات في تأويل قوله تعالى: (وللرجال عليهن درجة) ، قال :
( قال بعضهم : معنى الدرجة : الفضل الذي فضلّهم الله عليهن في الميراث والجهاد وقال آخرون : تلك الدرجة الإمرة والطاعة ، وقال آخرون : تلك الدرجة التي لها عليها ، إفضاله عليها ، وأداء حقهـا إليها ، وصفحه عن الواجب له عليها أو عن بعضه .. فعن ابن عباس قال : ما أحب أن استنطف أي آخذ جميع حقي عليها لأن الله تعالى ذكره يقول : (وللرجال عليهن درجة) .
ثم قال الطـبري : وأولى هذه الأقوال بتـأويل الآية ما قاله ابن عباس ، وهو أن "الدرجة" التي ذكر الله تعالى ذكره في هذه الموضع ، الصفح من الرجـال لامرأته عن بعض الواجب عليها ، وإغضاؤه لها عنه ، وأداء كل الواجب لها عليه .
وذلك أن الله تعالى ذكره قال : (وللرجال عليهن درجة) عقيب قوله : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) .. ثم ندب الرجال إلى الأخذ عليهن بالفضل ، إذا تركن أداء بعض ما أوجب الله لهم عليهن .. وهذا القول من الله تعالى ذكره ، وإن كان ظاهره ظاهر الخبر ، فمعناه معنى ندب الرجـال إلى الأخذ على النساء بالفضل ، ليكون لهم عليهن فضل درجة .
وقال الأستاذ محمود محمد شاكر محقق تفسير الطبري: ولم يكتب أبو جعفر الطبري ما كتب ، على سبيل الموعظة .. بل كتب بالبرهان والحجة الملزمة واستخرج ذلك من سياق الآيات المتتابعة .. ( ففيها بيان ) تعادل حقوق الرجل على المرأة وحقوق المرأة على الرجل ، ثم أتبـع ذلك بندب الرجـال إلى فضيلة من فضائل الرجولة، لا ينال المرء نبلها إلا بالعزم والتسامي، وهو أن يتغاضى عن بعض حقوقه لامرأته ، فإذا فعل ذلك فقد بلغ من مكارم الأخلاق منزلة تجعل له درجة على امرأته ، ومن أجل هذا الربط الدقيق بين معاني هذا الكتاب البليغ ، جعل أبو جعفر هذه الجملة حثاً وندباً للرجال على السمو إلى الفضل ، لا خبراً عن فضل قد جعله الله مكتوباً له ، أحسنوا فيما أمرهم به أم أساءوا .
وصايا متكافئة:
ثم إن الشارع الحكيم شفع تقرير الحقوق المتماثلة بوصايا متكافئة للزوجين ، كل ذلك لتسود المودة والرحمة بينهما ، وليرعى كل منهما صاحبه أجمل رعاية وأكمل رعاية :
من الوصايا الموجهة للرجال:
قوله تعالى : (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) . [سورة النساء:19] .
- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :[ واستوصوا بالنساء خيراً ] .
- عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله ] . [رواه مسلم].
- عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :[ إني أُحرج عليكم حق الضعيفين : اليتيم ، والمرأة ] . [رواه الحاكم] .
- عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ] . [رواه ابن ماجه].
- عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :[خياركم خياركم لنسائهم ] . [رواه ابن ماجه] .
وقد روى معنى الحديث الأخير عدد من الصحابة الكرام منهم عائشة ، ومعاوية ، وأبو كبشة .
من الوصايا الموجهة للنساء:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش ، أحناه على ولد في صغره ، وأرعاه على زوج في ذات يده ] . [رواه البخاري ومسلم].
- عن أبي أذينة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :[ خير نسائكم الولود الودود المواسية المواتية] . [رواه البيهقي].
- عن عبد الله بن سلام عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ خير النساء من تسرك إذا أبصرت ، وتطيعك إذا أمرت ، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك] [رواه الطبراني] .
- عن حصين بن محصن أن عمَّةً له أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها : أذات زوج أنت ؟ قالت : نعم . قال : فأين أنت منه؟ قالت : ما آلوه إلا ما عجزت عنه قال : فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك. [رواه أحمد].
- عن عبد الله بن أبي أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ لا تؤدّى المرأة حق ربها حتى تؤدّي حق زوجها ] . [رواه ابن ماجه].
- عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت فرجها ، وأطاعت زوجها دخلت الجنة ] . [رواه البّزار].
- عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إثنان لا تجـاوز صلاتهما رءوسهما : ...، وامرأة عصت زوجها حتى ترجع] . [رواه الحاكم] .
عن معاذ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيـا ، إلا قالت زوجته من الحور العين : لا تؤذيه قاتلك الله ، فإنما هو عندك دخيل ، يوشك أن يفارقك إلينا ] . [رواه أحمد].
الإطار العام لأداء الحقوق:
قال تعالى : ( ومن آيايته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليـها وجعل بينكم مودةً ورحمةً إنّ في ذلك لآياتٍ لقوم يتفكرون) . [سورة الروم : الآية 21] .
وهذا يعني أنه ينبغي أداء جميع الحقوق بين الزوجين في إطار من المودة والحب ، فإن ضعفت المودة لأمر ما ، بقيت الحقوق محفوظة ، ولكن في إطـار من الرحمة ، أي التعاطف والوفاء للعشرة ، وليتـذكر كل من الزوجين قول رسولنا صلى الله عليه وسلم : [ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ] . رواه البخاري ومسلم . وإذا كان هذا هو حق أخوة الإسلام بصفة عامة ، فحق الزوجين المسلمين أعظم ؛ فقد ضيفت إلى رابطة الإسلام رابطة الزواج ، وهي رابطة متينة قال بشأنها جـلّ وعلا : ( وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً ). فعلى الزوجين أن يراقبا الله تعـالى في أداء الحقوق ، ولينظر كل منهما هل قدم لصاحبه ما يحب لنفسه؟ إن كان قد فعل فقد أحسن ، وإن لم يفعل فليصدق العزم وليستعن بالله ولا يعجز ، والله مع الصادقين .
عوائق الزواج
د . محمد بن لطفي الصباغ
تمهيد في الترغيب بالزواج :
إن الزواج مما رغب فيه الكتاب والسنة ، قال تعالى : ( وأنكحوا الأيامى منـكم والصالحين من عبادكم وإمائكم، إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسعٌ عليم ، وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله ) .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال صلى الله عليه وسلم :[ يا معشر الشباب
من استطاع منكم البـاءة فليتزوج فإنه أغضُّ للبصر وأحص،ن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ] . متفق عليه .
وعن ابن عباس في تفسير الآية المتقدمة :[ رغبهم الله في التزويج وأمر به الأحرار والعبيد ووعدهم عليه بالغنى ] .
ويروى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه : أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى قال تعالى: (إنْ يكونُوا فُقراء يُغنهم الله من فضله) .
والزواج يحقق للمجتمع الإسـلامي الاستمرار والبقـاء ، وهو يحقق مقصداً من مقاصد الشريعة التي جاءت لإقامتها في الحياة وهو حفظ النسل .
قال شيخنا الأستاذ محمد الخضر الحسين :[ ... فالإسلام أصلح الصلة بين الرجل والمرأة ، وجعلها بمأمن من أن يلحقهـا وهن ، أو يعلق بها كدر ، وبعد أن أحكم صلة الزواج وهذّب حواشيها حثَّ على الزواج وجعله من سننه .. وإذا نظـرت إلى أن حكمة الله تعـالى قد اقتضت بقاء النسل لإقامة الشـرائع وعمران الكون وإصلاح الأرض ، وأن النسل الصالح لا يبقى إلا بالزواج رأيت كيف كان الزواج وسيلة إلى تحقيق أمور عظيمة أحبّ الله أن تكون، وحبّب للناس القيام عليها. وإذا كنت من علماء الأخلاق ونظرت إلى أن هناك فضيلة يقال لها العفـاف ، وعرفت أن الزواج مما يعين على التحـلي بهذه الفضيلة ، ظهر لك أن الـزواج وسيلة من وسائل الفضائل، وكثيراً ما تأخذ الوسائل حكم المقاصد في نظر الشارع وفي عرف الناس .. أو ليس الـزواج يكسب الرجل رفيقة تخلص له ودّهـا ، وتشمل منزله برعايتها ، ومثل هذه الرفيقة التي تحمل حبه الطـاهر ، وتعمل لتدبير منزله في غير مَنٍّ ولا تبـاطؤ ، ولا تتمثل إلا فيمن تربطه بها صلة الـزواج .. والزواج يكسب الرجل ولداً إنْ يُحسن تربيته كان له قرة عين في حياته ، وذكراً طيباً بعد وفاته .. ومن ذا ينكر أن الولد المهذب من أجَلِّ النعم في هذه الحياة؟ فللزواج مصالح تكثر بكثرته ، وتقل بقلته ، وتفقد بفقده ].
وإذا نظرنا في واقعنا وجدنا معوقات عدة تصدُّ الشباب عن الزواج لعل من أهمها المغالاة في المهور .. هذه المغالاة التي بلغت حداً لا يطـاق في هذه الأيام وبالنسبة لشباب ناشئين .. وتحديد المهور أمر ربما كان نافعاً في بعض المجتمعات، ولكنه ليس كافياً وحده، إنه في أغلب الحالات غير مجدٍ ، ذلك لأن التفاخر في الهدايا والملابس والحليّ يضحى عائقاً أشـدّ وأقسى ، فقد يكون المهر بضع مئـات من الريالات ، ولكن الهدايا والحلي قد تبلغ مئات الألوف .
إذن لا بدّ من عملية توعية وإقناع في أن مصلحة الأمة وأخلاقـها ومستقبلها في رفع كل الحواجز والعوائق التي تقوم في وجه الزواج .. لا بد أن يعـلم الناس أن هذا الوضع الرهيب إن استمر سيهدد أعراضهم وكراماتهم ومستقبل أمتهم .
ولو نظرنا في الواقع العملي للمسلمين في عهد السلف لوجدنا أن الأمر كان أيسر بكثير مما هو موجود الآن .
الصداق في الواقع العملي للسلف
فقد روى مسلم وأبو داود عن أبي سلمة بن عبدالرحمن قال : سألتُ عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم : كم كان صـداق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشاً . قالت: أتدري ما النشّ ُ؟ قلت : لا. قالت : نصف أوقية ، فذلك خمسمائة درهم .
وعن أنـس بن مالك : ( أن رسـول الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية بنت حيي ، وجعل عتقها صداقها ) أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي وهو طرف من حديث طويل أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرج البخاري بسنده إلى سهل بن سعد الساعدي قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله جئت أهب لك نفسي ، قال: فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعَّد النظر فيها وصوَّبه. ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه ، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست . فقام رجل من أصحابه فقال : يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها . فقال : وهل عندك من شيء ؟ قال : لا والله يا رسول الله . فقال صلى الله عليه وسلم : اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئاً ؟ فذهب ، ثم رجع فقال : لا والله ما وجدتُ شيئاً . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انظر ولو خاتماً من حديد. فذهب ، ثم رجع فقال : لا والله يا رسول الله ولا خاتماً من حـديد . ولـكن هذا إزاري - فقال سهل : ماله رداء - فلها نصفه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تصنع بإزارك ؟ إن لبستَه لم يكن عليها منه شيء ، وإن لبسَـته لم يكن عليك شيء . فجلس الرجل حتى إذا طـال مجلسه قام ، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مولياً ، فأمر به ، فدعي فلما جاء قال : ماذا معك من القرآن ؟ قال : معي سورة كذا وسورة كذا ، عددها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:تقرؤهن عن ظهر قلبك ؟ قال : نعم . قال : اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن .
وأخرج البخاري أن أنساً حدّث بحضور ابنـته فقال: جاءت امرأة إلى رسول الله تعرض عليه نفسها قالت : يا رسول الله ألك بي حاجة ؟ فقالت بنت أنس: ما أقل حياءها .. وأسوأتاه .. وأسوأتاه .. قال : هي خير منك ، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فعرضت عليه نفسها .
إن هذه الآثار لتدل على أن الزواج في عهد السلف لم يكن على صورته المعقـدة التي جعله فيها الناس اليوم .
الزواج في واقع المسلمين اليوم :
إن الزواج أصبح بالنسبة إلى الشاب الناشىء في كثير من بلاد المسلمين ضرباً من المستحيل ، وقد أثّر هذا الوضع أثراً سيئاً على المجتمع .. إذ جعل نسبة العوانس ترتفع ، وجعل الفساد ينتشر ، والانحلال يتفاقم ، ورغّب كثيراً من الشباب عن الزواج . إنها لمشكلة لا بد أن يعمل لها الداعون، ويواجهها المصلحون .
وليس تحديد المهور وحده كافياً .. لا بد من القدوة الحسنة من أولى الجاه والعلم في الأمة .. يخـطون الخطوة المتقدمة .. والناس أبداً يقلدون الكبراء والوجهاء ..
لا بد من القدوة في إيثار البساطة والتخفيف في الحلي والهدايا والملابس والمهور .
وليعلم الآباء الذين يرون أن في رفع المهور ضماناً لبنـاتهم أن الذي يكره زوجته ويريد طلاقها لا يمكن أن تقف في وجهه مشكلة المال ، لا سيما إذا عرفنا أن المال الآن ميسور .
أجل إن الناس بجهلهم وخضوعهم إلى عادات ما أنزل الله بها من سلطـان وضعوا العوائق والحواجز في وجه الزواج حتى غدا صعباً ، وهذا خطركبير. ولا بد لرجال الفكر من أن ينبهوا إلى المخاطر المذهلة إن استمرت هذه العوائق .
إن كيان المجتمع معرض إلى الانهيار بسبب الفساد العريض الذي يتعاظم يوماً بعد يوم ، وليس الموضوع موضوع المهور .. إن المغالاة في المهور عائق من أشد العوائق في وجـه الزواج ، ولـكنه ليس وحده المسؤول عن مصـاعب الزواج وعزوف الشباب عنه .
عوائق الزواج :
إن علينا أن ندرك أن كل العقبات التي تقوم في وجه الزواج هي معاول هدامة في صرح الفضيلة والخلق والاستقامة والصحة النفسية ، ويستتبع هذا أن نقوم بدراسة الوسائل التي توصلنا إلى إزاحة هذه العوائق جميعاً،فإنّ حل المشكلة يكمن في إزاحة العوائق والاقتناع بضرورة تيسير أسباب الزواج وتسهيلها.
وقد يكون من المفيد أن نعدد أهم هذه العوائق وهي:
1- المغالاة في المهور :
ولقد أدرك سلفنا الصالح خطورة تفاهم هذه العوائق .. فهذا عمـر ابن الخطاب رضي الله عنه، يدرك بثاقب نظره ما يمكن أن يهدد المجتمع من المخاطر والشرور بسبب المغالاة في المهور ، فلقد جاء عنه (رضي الله عنه) أنه قال :" ألا لا تغالوا في صَدُقات النساء ، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، لكان أولاكم بها نبي الله صلى الله عليه وسلم ، ما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح شيئاً من نسائه ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من ثنتي عشرة أوقية " .
ويحسن أن نقف عند أمرٍ أشار إليه سيدنا عمر، وهو ما يحمل كثيراً من الناس على المغالاة في المهور .. هذا الأمر هو التوهم بأن غلاء مهر المرأة مكرمة لها في الدنيا ، فقال : لو كان ذلك كذلك لكان أحـق الناس بهذه المكرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي تزوج وزوج بمهر لا يتجاوز اثنتي عشرة أوقية .
وأما قصة ردّ المرأة على عمر فهي ضعيفة، أخرجها الزبير بن بكار من وجه منقطع كما قرر ذلك الحـافظ ابن حجر في الفتح ، والمؤسف أن هذه القصـة استغلت استغلالاً سيئاً في وجه دعوة إصلاحية تدعو إلى معالجة الوضع الشاذ .. وهي قصة شائعة جداً ، ويبدو أن للقصاص والوعاظ دوراً في إشاعتها ونشرها ، كمـا يبدو أن هناك جانباً مشوّقاً فيها وهو الموقف البطولي في القصة سواء من جانب المرأة إذ ردت امرأة على الخليفة ، وإنها لجرأة عظيمة ، أم من جانب الخليفة إذ رجـع عن رأيه وأعلن ذلك على الناس وهو لو صح أمر عظيم ، وكذلك فإن لكتب التفسير التي أوردتها دون تعليق عليها دوراً في إشاعتها ونشرها .
وإن كانت المغالاة في المهور غير محظورة لأدلة ذكرها الفقهـاء والمفسرون ، من ذلك أن الله تبارك وتعالى مثّل بالقنطار في المهر ( وآتيتم إحـداهن قِنطـاراً فلا تأخذوا منه شيئاً ) [النساء:20] . قال القرطبي في تفسير هذه الآية :[ فيها دليل على جواز المغالاة في المهور لأن الله لا يمثل إلا بمبـاح ] ، أقول : وليس كل جـائز مستحسناً ، ولا كل مباح مُرغَّباً فيه بل لقد رأينا أن سيدنا عمر (رضي الله عنه) ذهب إلى منعه لأن فيه ضرراً واضحاً . وإذا تحوّل الأمر المبـاح إلى شيء ضـار أضحى غير مباح كما هو مقرر عند العلمـاء .
إن هذه المغالاة تحمل معنى غير كريم بالنسبة للمرأة ، إن المرأة ليست سلعة تباع وتشرى ، والمهر أمر رمزي قرره الإسلام وأوجبه لمصـالح عدة ليس المجال الآن مجال بحثها .. وقد سمعت طرفة أكدها من رواها لي ، وفحواها أن رجـلاً خطبت بنته ، ووافق على الخاطب لأنه مناسب ، وأبدى الخاطب استعداده لدفع مبلغ معقول معتدل مهراً ، فإذا الأب يعترض ويرفض هذا المبلغ ، فظـن أنه استقل المبلغ وأنه يريد أكثر .. ولكنه تبيّن أن الأب يرى أن هذا المبلغ كبـير ، وأنه يرضى بنصف ما دفع وقال مفسراً له موقفه المستغرب هذا: يا بني إن المرأة إنسان كريم لا يباع ولا يشرى ثم أردف قائلاً : وأنا يا بني عندي عدة بنات ، فإذا تسامع الناس الطيبون المقلون بهذا المهر ابتعدوا عني ولم يأت إلا الموسرون، وربما كان فيهم من لا أرضاه زوجاً لبنتي. وهذا موقف العقل والحكمة والدين .
2- المبالغة في الهدايا والحلي والثياب والولائم :
فإنك لترى الزوج يتفاخر بالمبالغة بالهدايا ، فقـد يقدم عدة هدايا تبلغ كل واحدة منـها عشرات الألوف أو مئات الألوف . وكذلك الملابس فبعض الناس يشتري ثوباً بستين ألفاً ، وربما لا يلبس إلا مرة أو مرتين، وكذلك الولائم التي تذبح فيها الذبائح الكثيرة ولا ينتفع من لحومها وطعامها إلا قليل من الناس وتلقى بعد ذلك في القمامة .
لا بد من فصل هذه الأمور عن الزواج ولا بد من التقليل فيها ؛ لأنها سرف منكر بل ربما كانت سفهاً ملوماً .
3- سيطرة العادات البالية والأعراف الباطلة على الناس ، وذلك مما يعوق الزواج ويكبل كلاً من الفتى والفتـاة ، كأن يحمل العرف الفتى على الزواج ممن لا يحب رعاية لأقوال الناس وكلامهم .
4- تحكم النزعة المادية : فلا يزوج الرجل إلاّ إن كان غنيـاً موسراً ، ولا يرغب بالفتاة الفقيرة .وكم سمعنا من أنباء إخفاق الزواج الذي يقوم على المصلحة ، وكم رأينا ناساً تزوجوا فقراء فأغناهم الله من فضله .
5- طول مدة الدراسة التي تصرف الشباب والشابات عن الزواج، والعجب كل العجب أننا نمشي وراء الغرب في بعض الأمور ، ونرفض السـير وراءه في أمور أخرى نافعة ، إنه شركة إذا تم الاتفاق على إقامتها فليس للسفاسف أن تحد منها. إني أعرف حادثة بطل الزواج فيها من أجل المهر بعد أن اتفق الطرفان الطيبان على كل شيء .
فإلى إصلاح هذه المفاسد ندعو العلمـاء والوجهاء والآباء والأمهات والله يتولى الجميع بالتوفيق والسداد
من كتابه (( نظرات في المرأة المسلمة )) بتصرف
مسوؤولية الزواج
الزواج ومسؤولية التغيير الاجتماعي
معتز عبد اللطيف الخطيب
الزواج هو السبيل الوحيد لبناء الأسرة الصالحة المنتجة التي تقوم على الحقوق والواجبات، فهي لا تخرج عن دائرة "التكليف"، وليس إشباعاً لحاجات عضوية فقط، كما أن إشباع تلك الحاجات ليس من أولويات مقاصدها.
والأسرة هي الخلية الأولى ونواة المجتمع، ولا غرو في ذلك، فالمجتمع يقوم على مجموعة أُسر، ومن ثم وجب على الفرد أن يعي حقيقة الزواج وأنه انتقال من المسؤولية الفردية إلى المسؤولية الجماعية، فإما أن يكون مصدر فساد للمجتمع حين يمده بأفراد غير صالحين يسيء تربيتهم ولا يرعاهم حق الرعاية، وإما أن يكون مصدر إصلاح وتغيير في المجتمع حين يمده بأفراد صالحين يتسلحون بالوعي والعلم، ويحملون رسالة التغيير الاجتماعي والإصلاح، للانتقال بالمجتمع من حالة الفساد والتقهقر إلى حالة الإصلاح والترقي في شتى المجالات.
فالتغيير يبدأ من الذات الإنسانية (إن الله لا يغيرّ ما بقوم حتى يغيرّوا مابأنفسهم) (الرعد:11) (ذلك بأن الله لم يكُ مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الأنفال: 53).
إنها سنة الله في التغيير بحيث تكون نقطة البداية من الإنسان نفسه، من الإرادة الإنسانية، فإذا حدث التغيير على المستوى الفردي الذاتي فسينعكس بالضرورة على أفراد الأسرة التي ينتمي إليها ذلك الفرد، وخاصة أولاده، ومن ثم يجب أن تنطلق عملية التغيير من مستويين: المستوى الأول هو تغيير الأفراد الموجودين، والمستوى الثاني هو وضع خطة عملية تربوية لتغيير الأفراد الذين سيأتون عن طريق الزواج، وهذا المستوى الثاني لا يتحقق إلا إذا التحق الزوجان بعملية التغيير.
الشورى في حياة الأسرة
أ.د يوسف القرضاوي
يدعو الإسلام إلى أن تقوم الحياة الأسرية على أساس من التشاور والتراضي، وذلك منذ بداية تكوين الأسرة.
ولهذا رفضت نصوص الشريعة أن يستبد الأب بتزويج ابنته - ولو كانت بكراً - دون أن يأخذ رأيها، وأوجب التوجيه النبوي أن تُستأذن البكر، وإن كانت تستحيي، فجعل إذنها صُماتها. فإن سكوتها عند عرض الأمر عليها دليل على الرضا والقبول.
وقد رد النبي صلى الله عليه وسلم بعض عقود الزواج التي تمت بغير إرادة البنت، لأن الشرع لم يُجز لأحد أن يتصرف في مالها وملكها بغير إذنها، فكيف بمصيرها ومستقبل حياتها ! وذلك أن الأم أعلم بابنتها من الأب، فهي باعتبارها أنثى تعرف اتجاهها وعواطفها، والبنت تبوح لأمها عن أسرارها ما لا تجرؤ أن تبوح به لوالدها.
وبعد بناء الأسرة ينبغي للزوجين أن يتفاهما ويتشاورا فيما يهم الحياة المشتركة بينهما، وفيما يهم كل واحد منهما على حدة، وفيما يهم حياة ذريتهماومستقبلها.
ولا يجوز أن يستهان برأي المرأة هنا، كما يشيع عند بعض الناس، فكم من امرأة كان رأيها خيراً وبركة على أهلها وقومها.
وما كان أحصف رأي خديجة وموقفها في أول ساعات الوحي ، ودورها في تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم ، والذهاب معه إلى ابن عمها ورقة بن نوفل ، ليطمئنه ويبشره .
ومن الروائع القرآنية : التنبيه على ضرورة التشاور والتراضي بين الزوجين فيما يتصل برضاع الأولاد وفطامهم ، ولو بعد الانفصال بينهما. يقول تعالى في سورة البقرة: (والوالدات يُرضعن أولادهن حولين كاملين، لمن أراد أن يُ | |
|